العراق: لجنة تابعة للأمم المتحدة تحث على إجراء تحقيقات عاجلة وسن تشريعات للقضاء على حالات الاختفاء القسري

العراق: لجنة تابعة للأمم المتحدة تحث على إجراء تحقيقات عاجلة وسن تشريعات للقضاء على حالات الاختفاء القسري

A+ A-

العراق: لجنة تابعة للأمم المتحدة تحث على إجراء تحقيقات عاجلة وسن تشريعات للقضاء على حالات الاختفاء القسري

مع وجود ما يصل إلى مليون شخص يقدر أنهم كانوا ضحايا للاختفاء، بما في ذلك الاختفاء القسري، على مدى العقود الخمسة الماضية، واستمرار الأزمة اليوم بذات الوتيرة، حثت لجنة الأمم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري العراق على وضع الأسس فورا لمنع هذه الجريمة البشعة والقضاء عليها وإصلاحها.

نشرت اللجنة اليوم التقرير الكامل لزيارتها إلى العراق في نوفمبر وبينما رحبت اللجنة بالتعاون الذي قدمته الدولة الطرف خلال الزيارة واعترفت بالتحديات العديدة والخطيرة التي تواجهها الدولة الطرف في معالجة الوضع، فإنها لا تزال تشعر بقلق عميق لأن ممارسة الاختفاء القسري كانت منتشرة على نطاق واسع في معظم أنحاء العراق على مدى فترات مختلفة، ولأن الإفلات من العقاب ومعاودة الإيذاء سائدان.

وقالت اللجنة إن " الزيارة تشكل خطوة جديدة في تفاعل اللجنة مع العراق، وهي من أوائل الدول التي صادقت على الاتفاقية"، مضيفة بأنه " لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به".

وتلقت اللجنة، خلال زيارتها، عددا كبيرا من شهادات ضحايا حالات الاختفاء، بما في ذلك الاختفاء القسري، التي لا تزال تحدث. وفي شهادة تسلط الضوء على نمط نموذجي مستمر، قالت إحدى الأمهات للجنة: "ذهب ابني لزيارة ابن عمه. اتصلت به بعد وقت قصير من مغادرته لأنه نسي الخبز الذي أردته أن يقدمه لابن أخي. أجاب، قائلا إنه كان عند نقطة تفتيش وأن بعض الرجال في الزي العسكري كانوا يتفقدونه، وأنه سيعاود الاتصال بي بعد ذلك مباشرة. لم يفعل أبدا. ومنذ ذلك الحين، بحثت عنه في كل مكان، في جميع السجون، مع جميع السلطات. لكن لا شيء، لا شيء، لا شيء".

وتشمل الأنماط المستمرة الأخرى الاختفاء القسري المزعوم للأطفال، وخاصة الأطفال الإيزيديين الذين ولدوا بعد تعرض أمهاتهم للاعتداء الجنسي في مخيمات داعش. وأبلغت اللجنة بأن الأمهات يجبرن، في بعض الحالات، على ترك أطفالهن في دور الأيتام بعد عودتهن إلى العراق، بنيّة إعادتهم إلى ديارهم في أقرب وقت ممكن. ومع ذلك، عندما عُدنَ إلى دار الأيتام، قيل للأمهات إن أطفالهن "أعطوا" لأسرة أخرى، بزعم أن ذلك كان ضلوع مباشر لبعض موظفي الدولة.

وفي الوقت نفسه، لا تزال مئات العائلات تبحث عن أحبائها، وتشتبه في أنهم في مخيمات في تركيا أو سوريا أو إيران، حيث ينعدم الاتصال بالعالم الخارجي.

ووفقا للأرقام الرسمية، تشير التقديرات إلى أن ما بين 250,000 و1,000,000 شخص قد اختفوا منذ عام 1968 بسبب النزاع والعنف السياسي. وفي حين أنه من المستحيل تقديم أرقام أكثر دقة، فقد لخصت اللجنة خمس موجات من الاختفاء، بما في ذلك الاختفاء القسري، التي عانى منها جميع العراقيين على مدى العقود الخمسة الماضية.

خلال عهد "البعث" في العراق الاتحادي وإقليم كردستان، من عام 1968 إلى عام 2003، تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 290,000 شخص، بما في ذلك حوالي 100,000 كردي، قد اختفوا قسرا كجزء من حملة الإبادة الجماعية التي شنها صدام حسين في كردستان العراق.

ومنذ غزو عام 2003 والاحتلال اللاحق إلى فترة ما قبل داعش، أسر الجيش الأمريكي وحلفاؤه ما لا يقل عن 200,000 عراقي، منهم 96,000 محتجزون في مرحلة ما في سجون تديرها الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة. ويُزعم أن المعتقلين اعتقلوا دون أمر قضائي لمشاركتهم في عمليات التمرد، بينما كان آخرون "مدنيين تواجدوا في المكان الخطأ في الوقت الخطأ".

وخلال إعلان داعش الخلافة الإسلامية على جزء من أراضي العراق، شهدت البلاد جولات جديدة من عمليات الاختطاف والقتل الجماعي لجنود الجيش العراقي أو أفراد قوات الأمن من عام 2014 إلى عام 2017 تحت سيطرة داعش. تدهور الوضع أكثر عندما قامت قوات الحشد الشعبي بعمليات عسكرية لاستعادة المدن الرئيسية من داعش. وخلال هذه العملية، أخفت القوات الموالية للحكومة الآلاف من العرب السنة، ومعظمهم من الرجال والفتيان. وقعت موجة أخرى من الاختفاء القسري خلال احتجاجات 2018-2020 التي جمعت أشخاصا من جميع الخلفيات الدينية والعرقية.

وحثت اللجنة العراق على أن يدرج فورا حالات الاختفاء القسري كجريمة منفصلة. وقالت اللجنة: "بما أن الاختفاء القسري لا يزال غير موجود كجريمة مستقلة في التشريعات الوطنية، فلا يمكن محاكمته على هذا النحو في العراق". كما دعت الدولة الطرف إلى وضع استراتيجية شاملة للبحث والتحقيق في جميع حالات الاختفاء، وتعزيز وتوسيع قدرة الطب الشرعي الوطنية لضمان وصول جميع الضحايا إلى عمليات استخراج الجثث وخدمات الطب الشرعي.

كما يجب على العراق أن ينشئ فورا "فرقة عمل" مستقلة للتحقق بشكل منهجي من سجلات جميع أماكن الحرمان من الحرية مع أسماء جميع المحتجزين. ويجب على فرقة العمل أن تكفل تسجيل جميع المحتجزين وإبلاغ أقاربهم على النحو الواجب بأماكن وجودهم.

وفيما يتعلق باستمرار ادعاءات الدولة الطرف بالاحتجاز السري، أوصت اللجنة العراق بايضاح الوضع، وإنشاء لجنة مستقلة للقيام بمهمة تقصي الحقائق للتحقق مما إذا كانت أماكن الاحتجاز السرية موجودة، بجميع الوسائل التقنية، مثل الصور المأخوذة بالأقمار الصناعية والطائرات بدون طيار.

ولمعالجة احتياجات الضحايا وحقوقهم، دعت اللجنة العراق إلى اتخاذ تدابير تشريعية وقضائية لضمان اعتبار أي فرد تعرض لضرر كنتيجة مباشرة للاختفاء، ضحية على النحو الرسمي ويحق له التمتع بالحقوق الواردة في الاتفاقية.

يتطلب أبعاد الاختفاء القسري في العراق، بكافة انواعه ونطاقه، تدخلا عاجلا ومتضافرا من جانب الدولة الطرف والبلدان المجاورة لها والمجتمع الدولي ككل. و" تكرر اللجنة التزامها الثابت بدعم أي عمليات يتم وضعها لمنع حالات الاختفاء والقضاء عليها، بما في ذلك الاختفاء القسري".


و زارالوفد الأنبار وبغداد وأربيل والموصل وسنجار. وعقد 24 اجتماعا مع أكثر من 60 جهة، وسبعة اجتماعات مع 171 ضحية ومنظمة مجتمع مدني من محافظات الأنبار وبغداد وكركوك وديالى وأربيل ونينوى وصلاح الدين. وتمكن الوفد من مراقبة تطورات عمليتي استخراج الجثث وزار مركزا مؤقتا لتحديد هوية الحمض النووي في سنجار. كما زار الوفد المديرية القانونية للطب وأربعة أماكن للحرمان من الحرية.