(UNCAT) لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة

(UNCAT) لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة

A+ A-

الرغم من المصادقة على اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (UNCAT) في عام 2011، لم يبذل سوى جهد قليل لتنفيذ المواد الواردة في الاتفاقية. ونتيجة لذلك، يظل التعذيب مشكلة هيكلية يعززها مناخ الإفلات من العقاب على نطاق واسع.

في 26-27 نيسان/أبريل 2022 ، بحثت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التقرير الدوري الثاني للعراق. بعد تفاعل مع ممثلي الدول، تبنت اللجنة الملاحظات الختامية، التي أعربت فيها اللجنة عن أسفها لعدم إحراز تقدم منذ آخر مراجعة للعراق في عام 2015.

بعد مناقشة الإطار القانوني العراقي لمكافحة التعذيب وعدم مراعاة الضمانات القانونية القائمة، أعرب خبراء الأمم المتحدة عن قلقهم إزاء مزاعم التعذيب أو سوء المعاملة على نطاق واسع وعدم المساءلة عن مثل هذه الأفعال. أخيراً، تم أيضًا التطرق إلى معاملة السجناء المحكوم عليهم بالإعدام وكذلك الانتهاكات التي حدثت في سياق احتجاجات 2019-2020.

تشريع مناهضة التعذيب والضمانات القانونية الأساسية

بالرغم من أن التعذيب محظور في كل من الدستور العراقي و المادة 333 من قانون العقوبات العراقي، إلاّ أن العراق لم يجرم بعد التعذيب بما يتواءم مع الاتفاقية. منذ عام 2017 ، تمت مناقشة مشروعي قانون لمكافحة التعذيب في البرلمان، ولم يتم تمرير أي منهما. وأعربت اللجنة عن أسفها لهذا التأخير مع ملاحظة أن النصوص المقترحة لا ترقى إلى مستوى اتفاقية مناهضة التعذيب. وأشار خبراء الأمم المتحدة إلى أن التناقضات بين التعريف الوارد في الاتفاقية والتعريف في القانون المحلي تخلق ثغرات للإفلات من العقاب.

تتمثل إحدى أكثر الطرق فعالية لمنع التعذيب في ضمان تمتع جميع الأشخاص المحتجزين بإمكانية أن تتاح السبل المناسبة للحصول على الضمانات القانونية والإجرائية منذ اللحظات الأولى للإحتجاز لدى الشرطة. وبينما أحاطت اللجنة علماً بالضمانات الإجرائية لمنع التعذيب وسوء المعاملة المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي، فقد أعربت عن قلقها إزاء "التقارير التي تشير إلى أن الأشخاص المحتجزين لا يتم منحهم بشكل روتيني جميع الضمانات القانونية الأساسية منذ بداية الحرمان من الحرية، وذلك في الممارسة العملية".

وعلى وجه الخصوص، لاحظت اللجنة أن الحق في الاستعانة بمحام يتأخر بشكل منهجي ولا يُمارس إلا بعد إجراء جلسات التحقيق الأولية مع قوات الأمن وقاضي التحقيق. بالإضافة إلى ذلك، لا يحصل الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم مرتبطة بالإرهاب في كثير من الأحيان على أفضل تمثيل قانوني، ولا يعد الحصول على فحص طبي مستقل ممارسة معتادة، ويتأخر في كثير من الأحيان الحق في إخطار أحد الأقارب أو الشخص الذي يختاره الموقوف، وأيضاً مراراً وتكراراً يتم إحضار الأشخاص الموقوفين ليمثلوا أمام قاضي التحقيق بما يتجاوز مهلة الأربع وعشرين ساعة المنصوص عليه في القانون العراقي.

اعترافات غير مشروعة

على الرغم من أن الدولة الطرف تدعي أن "الأحكام الصادرة عن المحاكم العراقية لا تعتمد على الاعترافات وحدها بل على مجموعة شاملة [من] الأدلة"، وجد أعضاء اللجنة أن الاستجوابات التي تجريها قوات الأمن في الممارسة العملية تهدف بشكل عام إلى انتزاع الاعترافات، مما يساهم في إجراءات قسرية.

حتى إذا كان عدم مقبولية الاعترافات التي يشوبها التعذيب منصوصاً عليه في كل من الدستور وقانون أصول المحاكمات الجزائية، فقد لاحظت اللجنة أن الاعترافات المنتزعة بالإكراه تُقبل كدليل في المحاكم، لا سيما في القضايا المتعلقة بالإرهاب. عندما يدّعي المتهمون أن اعترافاتهم انتزعت منهم بالإكراه، يتم تجاهل إدعاءاتهم ببساطة.

تفشي استخدام التعذيب وانعدام المساءلة

أثناء الحوار التفاعلي مع اللجنة، أنكر ممثلو الدولة الطرف (العراق) ممارسة التعذيب في أماكن الاحتجاز. وفضل الوفد الحديث عن حالات منعزلة بدلاً من الحديث عن ممارسة منهجية أو واسعة النطاق. ومع ذلك، تلقت اللجنة "تقارير تشير إلى أن الأشخاص المحتجزين، بما في ذلك في المنشآت الخاضعة لسلطة القوات الأمنية والمرافق التي يُقال أنها غير معروفة للمحتجزين، يتعرضون للتعذيب أو سوء المعاملة لا سيما خلال مرحلة التحقيق الأولي".

وبنفس القدر من القلق، لاحظت اللجنة أن الآليات القائمة لتلقي شكاوى التعذيب والتحقيق فيها "لا تؤدي عملياً إلى مساءلة جادة لمرتكبي التعذيب".

تشمل ولاية المفوضية العليا لحقوق الإنسان (IHCHR)، وهي مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان في العراق، معالجة شكاوي التعذيب التي يمكن إحالتها إلى مكتب الادعاء. ومع ذلك، لاحظت اللجنة أن الإجراءات اللاحقة لا تزال بطيئة. يتقوض عمل المفوضية العليا لحقوق الإنسان حالياً بسبب التأخير في اختيار المفوضين الجدد إلى جانب التأثير غير المبرر للأحزاب السياسية أثناء عملية الترشيح. حتى أن أحد مفوضيها، الدكتور علي البياتي، يواجه دعاوى قانونية بسبب التعليقات التي أدلى بها بينما كان لا يزال في منصبه بشأن قضايا التعذيب.

عقوبة الإعدام

في عام 2019 ، كان العراق رابع أكبر دولة تنفذ عقوبة الإعدام، حيث تم تنفيذ أكثر من المئة. أكد العراق باستمرار أن عقوبة الإعدام مطلوبة بسبب "الوضع الأمني الاستثنائي" وهي بمثابة رادع لأعمال الإرهاب. لكن اللجنة لاحظت أن مثل هذه الأحكام، التي تستند إلى قانون مكافحة الإرهاب المثير للجدل، "يصاحبها الافتقار إلى الإجراءات القانونية الواجبة وضمانات المحاكمة العادلة". واستشهدت اللجنة بسجن الناصرية المركزي، وأوضحت أن السجناء المحكوم عليهم بالإعدام محتجزون في "ظروف مادية يرثى لها". كما ورد أن بعض المعتقلين تلقوا تهديدات كاذبة بشأن إعداماتهم الوشيكة. ومما يثير القلق أيضاً أن الدولة الطرف أكدت ممارسة عدم إخطار الأسر قبل إعدام أقاربها.

في تشرين الثاني/نوفمبر 2020 ، أفادت الأنباء أن السلطات العراقية بدأت موجة من إعدام السجناء في سجن الناصرية المركزي. خلال هذه الفترة، قُدر أن 4000 سجين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في جميع أنحاء البلاد، معظمهم متهمون بارتكاب جرائم إرهابية. قد يكون هذا الرقم أعلى ولم تتمكن السلطات العراقية من تقديم الأرقام الدقيقة أثناء الحوار مع اللجنة.